مراكش الحمراء // ملف الأسبوع
طالب معاشو هاجر بلادو
محمد كوحلال // مراكش
مدخل // عربات مجرورة و رزقها على أصحاب القلوب الطيبة
يجرون عربات صغيرة الحجم في غياب دابة, تكلف مثقال ما تطلبه أفواه مفتوحة و أبدان هزيلة ينخرها العوز. قسط منهم غادروا ديارهم مكرهين يحملون رزمة من ثياب أشبه بالأسمال ,تقيهم قيظ الحمراء, مراكش, و زمهرير ها الشديد العنفوان. الفقر و سنوات عجاف حارة كالجمر تأتي على اليابس و الأخضر و مصائب أخرى طردتهم من بين أحضان ذويهم وفلذات أكبادهم , شر طردة لتحتضنهم مراكش المعطاء للغرباء بالأحضان . بدؤوا حياة الكد و الجري من شروق الشمس و زقزقة العصافير إلى غاية الغروب.بحتا عن القوا ت و في بعض الأحيان يمارسون رياضة الركض هروبا من حجز عرباتهم من قبل رجال المخزن / القوات المساعدة / . من أبناء فخده واحدة أو من قبائل متباعدة جمعهم القدر تحت ظل مراكش الأبية المعطاء الكريمة مع كل زوارها . إنها الهجرة القروية التي غطت كل شبر من المدينة. حيت هبت علينا أفواجا تلو الأخرى من يعروبيين و أمازيغ, في بداية الثمانينات. و قد نبه الملك الراحل الحسن الثاني, المسؤولين , لكن كمن يصب الماء على الرمل.
من الناحية الاجتماعية التي تخص أهل مراكش نلاحظ مند زمان بعيد, اختفاء رزمة من العادات و التجمعات بالأحياء و الحارات, نظرا للاختلاط التي شهدته المدينة الحمراء. لم يعد هناك ذالك الجو المراكشي كما كان في السابق , النشاط, قل بشكل ملحوظ, فقد ذابت القلة في إناء الأغلبية المهاجرة. حيت استوطن هؤلاء بعض الدور العتيقة بغرف أو منازل تجمع قبيلة بأكملها. لكن ما يحز في نفسي, لعمري إنها الطامة الكبرى , حيت تغيرت ملامح الساحة المشهورة , جامع الربح / جامع الفناء / , التي تحولت إلى شبه سوق أسبوعي بالبوادي. حسرتي يشاركني فيها عدد من الخلان خصوصا و أنا اقطن بالمدينة العتيقة. لقد تاهت ملامح الساحة بقدوم طفيليات بشرية. نعم السياح لا يميزون, لكن نحن أهل المدينة نتابع ما يجري. كلامي لا أعني به التحقير أو اهانة لا و كلا و ألف كلا , فقط أحبذ أن أضع القارئ أمام الواقع الحقيقي, ليس إلا, سا محوني يا جماعة الخير.لقد قضيت أياما جميلة بالساحة عندما كنت اركض كالغزال.
عودة إلى صلب الموضوع // دراويش رزقهم على كف كريم
دراويش تغلب عليهم سحنة قمحية , أشبه بأهل شهبا ندر أسيا / غاندي/, لطفاء بسطاء لا وجود لطموح و لا أحلام لديهم , فقط يكفيهم الحصول على كسرة خبز و مرق دسم و / نطفة / من اللحم. و ملاليم تقيهم غدر الزمان. منعزلون لا يحبون الاختلاط و لا الاندماج مع أهل الحمراء, مراكش, عالمهم يمنحهم الأمن و الأمان و التكافل فيما بينهم , يغلب عليهم الخجل و يعتبرون أنفسهم مواطنون من الدرجة الثانية. و هم في نظرنا ليسوا كذالك فنحن سواسية كأسنان المشط. تعرفت على أحدهم من باب الفضول لغرض طرح الملف على أنظار حضراتكم و أزكي ما سبق و ما يلي. لأني أكره تلك الملفات المفبركة بأسماء مستعارة و من خيال البعض على بعض ورقنا / الجرائد /.
بادرت احدهم بتحية و هو منشغل البال يتابع المارة من الميمنة إلى الميسرة لعل احدهم يطلب خدمته غير بعيد عن المحطة الطرقية / باب دكالة / مراكش.
الحوار // أمولانا عوين نعاماس// , رد علي باحترام كبير و الخجل يغلب عليه و الغموض يلف لب باطنه , و عيناه كانت شبه متوقفة نحو محفظتي , لعمري ان المسكين اعتقد سوءا . فهمت جيدا ما كان يدور في أعماقه. فهؤلاء يخافون من / المخزن / السلطة بشكل كبير جدا. و يتفادون رجالها كل ما استطاعوا لذالك سبيلا. قدمت له سيجارة, فأخذها من يدي متلهف كالعطشان بين كثبان الصحراء. بادرته بحزمة من الاستفسارات , و لا اخفي عن نفسي داء الفضول بشكل كبير جدا. أريد أن اعرف كل شيء و أتعلم كل شيء و أحب الاستماع على الكلام. ارتاح المسكين و تحول إلى ترتار وجدت صعوبة في كبح لسانه. كانت عصارة الدردشة لا تخرج عن سياق / الغلاء فواتير الماء و الكهرباء سومة الإيجار,مطالب العيال...الخ. 20 دقيقة بالتمام و الكمال عشت عالما غريبا عني و هم قريبون مني جدا... لكن ما شدني و أعجبني و أدهشني حتى ارتفعت حواجبي . ان المسكين كان يختم كل مرة حديثه بعبارة // الحمد لله على كال حال, حمدنا الله و شكرناه // .
الله..الله.. يا سلام..ملاك يجر عربة, ربي يكون في عونه و الرب في عون من هم على شاكلته. رغم حالته الضعيفة و ثيابه الرثة تشبه إلى حد ما أسمال. لكن القناعة كنز لا يفنى كما يردد البعض. فهمت أيضا انه ينحدر من منطقة ريفية / بدوية / غير بعيد عن مراكش. بعد سنين من الكد استطاع أن يضمن لعياله بيتا متواضعا جدا عبارة عن غرفة و مطبخ , و مرحاض مشترك مع بقية أهل الدار. انتهى لقاؤنا و شعور غريب يحيط بتفكيري , كنت انسج , مونولوجا , مع نفسي عن طينة هؤلاء الآدميين.
الفقر و الحاجة عنوان يومي لحياتهم و رغم ذالك فهم سعداء, قانعون بما يجود به كف كريم و قلب يحن و بحبوحة المحسنين. ياه..ياه..ما اجمل ان يعيش المرء على بساط القناعة و التكافل الاجتماعي و المحبة و الود و التعاون. فهؤلاء البسطاء هم أكتر الناس تكافلا و أتحدى من يثبت لي العكس.
خاتمة // كسرة خبز من فم السبع
كسرة خبز من عرق الجبين بفضل عضلات لا تموت و لا يجب أن تموت لان هناك أفواه تنتظر القوت. بساطة في كل شيء لا هم ..و لا غم.. يعيق حياتهم فقط ما يكفي البطن و استقرار بأعشاش تقيهم ضربات الطقس المتقلب كتقلب مزاج السياسيين بديارنا.
حياتهم على كنف البساطة و لن تململهم الرياح العاتية عن قناعاتهم بأن الله يرزق و يحي و يميت .فهم متشبثون بالغيبيات بشكل كبير جدا ,و مطمئنون لحالهم مادام هناك خالق يرزقهم. منطقهم سليم إلى حد ما..
تحية نضالية خبزية إلى كل أصحاب العربات المجرورة بمراكش نفس التحية أوجهها إلى زملائهم اللذين يشتغلون مع الرياضات / دور الضيافة / و ينقلون أمتعة الأجانب ضيوف الجوهرة الحمراء , مراكش, من و إلى مقر إقامتهم و اخص بالذكر السادة الأحبة العاملين بأحياء , القصور, المواسيبن, القنارية...
دمتم بألف الخير و الله يعينكم و السلام عليكم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire