dimanche 8 mars 2009

مقال أروع من رائع للأستاد الفاضل / السي محمد مقصيدي


مراكش الحمراء // مقالات .

المتليون الجنسيون و الشواذ السياسيون .

محمد مقصيدي 08/03/2009

بديهي جدا أن تطرح في العالم العربي مسألة الجنس والأخلاق بشكل عام . أقصد حضور الجنس كطابو ومحاولة إقصائه من الثقافة . ذلك الهجوم الشرس والنظرة الدونية للجنس كأنه جريمة يجد مرجعياته في التاريخ بكل تراكماته وليس العربي فقط . لقد اشتركت الثقافات الكونية في مجموعة من التقاطعات تارخيا وليس الأمر يختص فقط بالأديان . فالمحافظة اتجاه الموضوع متشعبة ومتداخلة تلمس حتى وضعية المرأة الدونية ...

وإن كان الغرب اليوم قد بدأ ينظر بطريقة مختلفة عن السابق بسبب التغيرات الجذرية التي لمست بنية التفكير الغربي , فلا زالت مناطق جغرافية واسعة لا تختلف كثيرا عن الدول العربية بخصوص الموضوع الجنسي , رغم الإنفتاح النسبي ومحاولة مناولته بشكل غير أحادي , وهو على سبيل المثال ما دفع بالفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو إلى كتابة مؤلف حول تاريخ الجنس , إلى جانب كتابات عديدة أصبحت حاضرة حتى في الأدب والشعر .

فالجنس يعتبر كجريمة بحد ذاته في العالم العربي , وحتى في إطار مؤسسة الزواج فالحديث عنه يعتبر طابوها . حتى إنه لتجد أن الكثيرين لا يستطيعون ممارسة الجنس في الضوء , إذ يعمدون لإطفاء النور من أجل ممارسة جنسية في الظلام كلصوص .

لا يعنيني هنا الحديث حول الجنس والفلسفة والأخلاق , بقدر ما أردت فقط إرسال لمحة مقتضبة جدا حول النظرة العربية للجنس , لكي نتمكن من معرفة خطورة مناقشة ما أكثر من الجنس , أي الجنس المثلي .

أكيد , أنه عندما وجه الشاذ السياسي بنكيران رسالة تدمر إلى شاذ وزاري آخر هو عباس الفاسي , للتحرك من أجل إيقاف تخريب أخلاق المجتمع بواسطة جمعية كيف كيف أو غيرها وكأن الأخلاق لا ينقصها سوى كيف كيف كي تسقط . الكثير رمى بدلوه في الموضوع وهاجم بشدة سمير بركاشي ومن وراءه , حتى أن شاذ إعلامي آخر هو رشيد نيني لم يبخل في عموده بتأجيج الرأي العام كما فعل سابقا في حادثة القصر الكبير. وذلك عادي جدا لطبيعة الزواج المثلي التي تربطه بحزب العدالة والتنمية . ولكن أليس من حق أولئك أن يدافعوا عن أنفسهم ؟؟؟

لننظر بشكل عقلاني للموضوع . أولا , فتلك حريتهم الشخصية ولا تعنينا في شيء . إننا متعاقدون في الوطن وتربطنا روابط ضمنية . إنهم لم يسرقوا أموال الشعب . إنهم لم يجوعوا أحدا . إنهم لم يضعوا أحدا في السجون . فلماذا نهاجمهم ؟ هل هو اللاوعي الذي يسكننا ؟ إننا متشاركون في الوطن , ولسنا متشاركين في الفراش . إذن , بأية حجة سنحاسبهم ؟

يقول أحدهم : إنهم خرجوا بجمعيات منظمة وليسوا أفرادا . من الطبيعي جدا أن يؤسسوا جمعيات للدفاع عن أنفسهم . هل من المنطقي أن نقبل بجمعيات تدافع عن الحيوانات ولا نقبل بجمعيات تدافع عن حقوق المثليين .

إنهم لا يريدون أن يؤسسوا حزبا مثليا توتاليتاريا كما فعل بنكيران وأصحابه , إنهم لا يريدون أن يفرضوا على الشعب أن يكون مثليا . هم يريدون فقط أن يعاملوا باحترام وأن لا يتم إرهابهم وزجهم في السجون .

ثم ما ذنبهم إن ولدوا مثليين؟ فالبعض منهم لم تفرض عليهم سوسيولوجيا ولا بإرادتهم الحرة . ولكن الخالق خلقهم هكذا , ودكاترة الشاذ بنكيران بإمكانهم شرح ماذا تعني امرأة ورجل في نفس الوقت جينيا أو العكس .

ثم حتى ولو افترضنا أن النسبة الكبيرة هي بمحض إرادتها فماذا يضرني أو يضر الشعب في ذلك ؟

يقول أحدهم : إن الدين يأمر بقتلهم , ولكن هل لم يأمر الدين حسب هذا التصور بقتل المرتد ؟ ألم يأمر بوضع الحجاب ؟ ألم يأمر بجلد شارب الخمر ؟ أم أن الحمية فقط ضد هؤلاء لأنهم أقلية . هؤلاء فقهاء شواذ طبعا . فالإسلام حرية شخصية ولا إكراه في الدين . إنه تربطنا رابطة الوطن وليس علينا أن تكون لنا نفس الإيديولوجيا أو نفس الدين أو نفس طريقة الأكل .

يقول أحدهم : إنهم سيفسدون أخلاق أبناءنا وبناتنا وعلينا محاربتهم . لا أعرف حقيقة هذا المنطق . فأنا لم يفسدوا أخلاقي الذي أكتب عنهم . وهل القنوات الفضائية المثلية على الفضائيات وعلى الإنترنيت لن تفسدهم ؟ إذن . أوقفوا الإنترنيت في المغرب والفضائيات أيضا إن كنتم منطقيين . إن الأخلاق لا يدافع عنها بقتل الآخرين وإقصائهم . فإن كنت تخاف على أخلاقك من الزعزعة فهذا يعني أن أخلاقك ضعيفة جدا ولا تستطيع مواجهة الآخر . الأخلاق يدافع عنها بمقارعة الحجة بالحجة والنقاش وقوة تماسك الأخلاق وليس بإقصاء الآخرين . فلم لا تمنع أوربا الجمعيات الإسلامية بدعوى زعزعة عقيدة الأوربيين ؟؟؟

لن يعجب الكثيرين كلامي وسيتهمونني كالعادة في الدفاع عن الدعارة والشذوذ وقيم الغرب . أقول لهم بكل بساطة : أنا أدافع عن حرية الإنسان الكاملة بدون وصاية من أحد . لماذا يريد البعض أن يكون الكل مثلهم ؟ الآخرون راشدون وماداموا لا يمسون حريتك فلهم الحرية أيضا . سيقول البعض : إنهم يخدشون حريتي عندما أرى فتاة تقبل فتى في الشارع , طبيعي جدا في الوقت الراهن لأن مجتمعنا يعيش عقدا نفسية كثيرة منها الجنس ويعاني الكبث المتعدد والمضغوط بشدة , حتى أن ذلك الغرب الذي يهاجمون أخلاقه , معدل الخيانة الزوجية فيه أقل بكثير من الخيانة الزوجية التي توجد في الكثير من الدول المسلمة . إذن على من يحس أن كرامته تمس بفعل خارجي منفصل عن ذاته ولا علاقة له به سوى أن يذهب إلى أقرب طبيب نفسي ليعالج عقده . وإلا سوف نقول أن كرامة الأوربيين تخدش أيضا عندما يرون إمرأة محجبة أو رجلا بلحية , وعليهم زجهم أيضا في السجون .

سأوف أعود لقضية المثليين الذين من منهم أكثر شرفا ودفاعا عن قضايا الأمة من الشاذ بنكيران وأمثاله . لا أقول أن المثليين شرفاء وملائكة . إنهم أناس عاديون مثلنا , فليست لهم ثلاتة أعين أو نصف دماغ أو أو أو . فمنهم المثقف والمناضل واللص والمجرم والجبان والوزير والشهم والخجول ووو . علينا أن نكف للنظر إليهم بعين مختلفة . فلا يحق لأحد أن يأخد أحكام قيمة جاهزة على أخلاق شخص بمجرد أن له لحية أو أنه مثلي .

لقد قال المثقف المبدع جان جنيه الذي دافع عن القضية الفلسطينية وقدمها للعالم أكثر من بنكيران وأمثاله عندما سألته إحدى الصحفيات : ماذا قدم لك الشذوذ ؟ أجابها : "لو لم أضاجع الجزائريين لما كنت إلى جانب جبهة التحرير الوطنية . ولكن , لا , كنت سأقف معها في كافة الأحوال بلا شك غير أن الشذوذ ربما هو الذي جعلني أفهم أن الجزائريين بشرا كالآخرين " .

جان جنيه الذي كتب عنه الفيلسوف سارتر كتابا من 700 صفحة , وعاش لمدة طويلة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الذين كانوا يحترمونه ويحبونه كثيرا . القديس جان جنيه هو الذي ساعد بعض المغاربة للهجرة إلى فرنسا لأنه يعرف معنى الجوع والألم . المثقف والمناضل المثلي جان جنيه الأكثر شرفا من بنكيران وأمثاله وأكثر أخلاقا , الذي اشترى منزلا لأحد أصدقاءه المغاربة الفقراء البسيطين جدا بينما هو الذي عاش بلا بيت يملكه . فهل تستطيع أن تحضى بعشر أخلاقه وتفعل ما فعله أيها السيد بنكيران ؟ هو الذي عاش بالقرب من سلاح الفدائيين الفلسطينين بلا خوف لأنه آمن بقضيتهم .

جان جنيه ليس إلا مثالا لآلاف مثليين شرفاء آخرين , لكي يعرف البعض أنهم ليسوا أناسا من عالم آخر. إنهم مثلنا تماما يحسون بما نحس , ألم يحن الوقت أن نعاملهم باحترام بيننا ولو إكراما فقط للقديس جان جنيه ؟

إن الشواذ الذين علينا مواجهتهم هم الشواذ السياسيون الذين أوصلوا المغرب إلى الإفلاس . إنهم هم الوحش الحقيقي الذي يجعل المغاربة عبيدا , والمغرب سجن كبير . إن الشواذ الحقيقيون هم الثيوقراطيون الذين يعملون جاهدين لتقويض الحرية والديموقراطية بأسماء مختلفة .

وبالمناسبة , كامل تحياتي لك أيها العظيم جان جنيه .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire