يتعين على المصريين الذين يفكرون في التصويت في الانتخابات البرلمانية التي ستجرى يوم الأحد أن يأخذوا في حسبانهم خطر المشاجرات التي تضم بلطجية استأجرهم المرشحون المتنافسون.
وأصبح استئجار تلك العصابات من الفتيان جزءا لا يتجزأ من المشهد الانتخابي في مصر الى حد أن صحيفة يومية نشرت قائمة بالاسعار التي يحصل عليها الرجال والنساء الذين يعتمدون على قوتهم العضلية.
وقال عامل الكهرباء في مدينة الاسكندرية عادل محمد (32 عاما) حين سئل عما اذا كان سيدلي بصوته “انتخابات.. لا سأذهب الى عملي.” وتابع قائلا “الانتخابات لا تهم في مصر. المرشحون يختفون بمجرد الفوز بمقاعد ولا تستحق كل هذا العنف.”
وقال حافظ أبو سعدة الامين العام للمنظمة المصرية لحقوق الانسان ان أربعة أشخاص قتلوا وأصيب 30 في الاضطرابات بين الفصائل السياسية قبل الانتخابات.
وأضاف “يحدث هذا بين الجماعات المختلفة ولا يقتصر الامر على الحكومة. فمرشحو جماعة الاخوان المسلمون والمرشحون الاخرون من الحزب الحاكم والاحزاب الاخرى يهاجمون بعضهم البعض.” وأضاف قائلا “العنف سيكون شديدا في هذه الانتخابات.”
وسقط 14 قتيلا أثناء انتخابات عام 2005 وأفاد مراقبون مستقلون وشهود عيان بحدوث ترويع واسع النطاق للناخبين الاسلاميين وناخبي أحزاب المعارضة الاخرى من جانب قوات الامن.
ولا يساور أحد الشك في أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي يتزعمه الرئيس حسني مبارك سيفوز مرة أخرى في الانتخابات. وبالنسبة لجماعة الاخوان المسلمون المحظورة التي يخوض مرشحوها الانتخابات كمستقلين فمن المتوقع على نطاق واسع أن تتقلص مكاسبها بعد حضورها المؤثر في انتخابات عام 2005 حين فازت بخمس مقاعد مجلس الشعب (البرلمان).
ورغم أن نتائج الانتخابات متوقعة الا أنها تخضع للتدقيق لتحديد الى أي مدى أجريت بحرية ونزاهة وللبحث عن أي خيوط قد تحل لغز ما اذا كان مبارك الموجود في السلطة منذ عام 1981 سيرشح نفسه لفترة سادسة في انتخابات الرئاسة التي ستجرى العام القادم.
ولا يمكن لجماعة الاخوان المسلمين كجماعة محظورة أن تتقدم بمرشح لينافسه لكن السلطات تبدو حريصة على تقليم أظافرها على أي حال باعتقال المئات من أعضائها قبل الانتخابات.
وأعاقت الشرطة ورجال في ملابس مدنية يحملون أسلحة أعضاء من جماعة الاخوان المسلمون يحاولون تقديم أوراق الترشيح في الانتخابات وقاموا بفض مؤتمرات انتخابية للاسلاميين مما يكشف عن حدود تسامح السلطات مع أقوى جماعة معارضة في مصر.
وقالت جماعة الاخوان المسلمون ان قوات الامن أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على أنصار الاسلاميين،في مدينة الاسكندرية. وتقول الجماعة ان السلطات تسمح لمرشحي الحزب الوطني بتنظيم مسيرات ووضع ملصقات في جميع الاحياء ولكنها تخنق الحملة الانتخابية للاخوان المسلمون.
ومن جانبه طلب الحزب الوطني الديمقراطي من النائب العام التحقيق مع المرشحين المدعومين من جماعة الاخوان المسلمين قائلا ان أنشطتهم تشكل تحديا صارخا للدستور والقانون وانتهاكا لقواعد العملية الانتخابية.
وتقول الحكومة ان الانتخابات حرة ونزيهة وتلقي باللائمة في أعمال العنف على التنافس بين المرشحين وخصوصا ذوي الانتماءات القبلية،حيث قال مسؤولون ان الاعتقالات قبل الانتخابات استهدفت مسؤولي الدعاية الانتخابية الذين نظموا مسيرات دون الحصول على تصاريح.
واعترف مرشح للحزب الوطني في الاسكندرية بأن استئجار بلطجية اجراء متعارف عليه من قبل كل ألوان الطيف السياسي.
وقال عامر أبو هيبة انها ممارسة شائعة للمرشحين من الاخوان والاحزاب الاخرى ويشمل ذلك رجال الاعمال الاغنياء “وهذا سلوك انتخابي متعارف عليه ووارد.”
وأعلنت وزارة الداخلية أن قوات الامن ستتعامل بصرامة مع الجماعات التي تسعى الى المصادمات وتنظم مظاهرات قد تؤدي الى أعمال شغب.
وقال مسؤول حكومي ان المنافسة الشديدة على مقاعد البرلمان دفعت كثيرا من المرشحين لانفاق أموال طائلة على الدعاية ولجوء البعض الى أساليب استخدام القوة.
وقال مجدي راضي المتحدث باسم مجلس الوزراء ان من يلجأ الى العنف هم “المرشحون وليس فقط الاخوان المسلمون وانما المرشحون العاديون وخصوصا في الصعيد.”
وأفادت دراسة نشرتها صحيفة الوفد المعارضة و اطلعت عليها الدولية بأن أسعار استئجار البلطجية تبدأ من 800 جنيه (140 دولارا) وقد تصل الى 40 ألف جنيه حسب نوع المهمة.
وقالت الدراسة التي أشرف علي اجرائها اللواء رفعت عبد الحميد خبير العلوم الجنائية ان أسعار البلطجية الذين يكلفون بالاعتداء على جماعات كبيرة أو مرشحين تصل الى 25 ألف جنيه في اليوم، وتصل أتعاب المكلفين بمقاومة السلطات الى ستة الاف جنيه.
وقالت الدراسة ان أسعار البلطجية تتضمن “سداد توابع ممارسات البلطجة مثل تكاليف للعلاج وكفالة الحبس الاحتياطي والسجن .” وأضافت “يعرض البلطجية من الرجال والنساء تقديم تخفيضات هائلة للوزراء الحاليين والسابقين ومرشحي الحزب الوطني ويرفعون السعر للمستقلين ومعارضي الحكومة ويزيدون في مغالاتهم للدوائر الملتهبة والمناوئين للحزب الوطني وأجهزة الامن.”
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire