الشذوذ الجنسي والاغتصاب فـي المدارس الرسمية

مراكش الحمراء // رأي

الشذوذ الجنسي والاغتصاب فـي المدارس الرسمية

3/24/2010 2:24:00 AM GMT

شهدت العقود الأخيرة حالة من التفكك الذي أصاب المجتمع، وأصبح الشذوذ من المظاهر الآخذة بالتوسع شيئا فشيئا. والغريب في الأمر أن تغزو هذه الظاهرة الأماكن التعليمية. وهو ما يؤكد غياب الرقابة بالمدارس.

شهد الواقع المصري واقعة شذوذ داخل إحدى المدارس الثانوية الصناعية بشبين القناطر، التابعة لمحافظة القليوبية. حيث أقدم عدد من الطلاب على اغتصاب زميل لهم داخل دورة مياه المدرسة، واستخدموا أسلحتهم البيضاء لتهديده. وكانوا تحت تأثير تعاطيهم المواد المخدرة. ووفقاً لما نشر بالصحف؛ فإن والدة الطالب المجني حاولت تصعيد الأمر، إلا أن مدير المدرسة تكتم على الخبر رافضاً "الشوشرة" على سمعة مدرسته.

والواقعة الثانية وقعت داخل إحدى المدارس الإعدادية بمدينة السلام، عندما توجه أحد المدرسين إلى دورة المياه وشاهد ثلاثة من التلاميذ الذين لا تتعدى أعمارهم الثالثة عشرة، يقومون بممارسة الشذوذ الجنسي مع بعضهم البعض. وعلى الفور استدعى المدرس أولياء أمور التلاميذ الثلاثة، برغم توسلات مدير المدرسة للمدرس؛ إلا أنه حرر محضراً بقسم الشرطة خشية أن ينتشر الأمر بين باقي التلاميذ.

كما تعرض أيضا طفل بالصف الرابع الابتدائي بمنطقة المعادي، للاعتداء الجنسي من قبل اثنين من زملائه بالصف الخامس بنفس المدرسة. وعندما علم والده؛ أخبره الطفل بأنهما كانا يلعبان معه، وأنه يحبهما.

الشذوذ الجنسي لايقتصر على مدارس البنين فحسب، وإنما موجود أيضاً ويشكل نفس الخطورة بل ربما تكون أخطر في مدارس البنات. فبعض الدراسات بالمواقع العربية، تشير إلى أن نسبته بين البنات بلغت 7%، وبالنسبة للذكور فهي 3% ربما تكون النسب في الواقع أكثر من ذلك، إلا أن الخطر قائم لانتشاره بشكل خفي في عدد من المدارس التي تتكتم الأمر. وهو ما دفع عدد من المدارس الأخرى لفرض قيود على تلاميذها وتلميذاتها.

الشذوذ مرض بالفعل، ويجب التعامل معه على هذا الأساس، وإيجاد حلول حقيقية خاصة لطلاب وطالبات المدارس، الذين أصبح في متناول أيديهم رؤية كثير من المشاهد المخلة من لواط وسحاق وغيره من خلال القنوات الفضائية، والاسطوانات الجنسية، ومقاطع الفيديو التي يتمكنون من الحصول عليها ببلوتوثات هواتفهم المحمولة.

الشذوذ إذن هو اضطراب في هوية الجنس، أي الذكورة والأنوثة. ولذا يجب توعية التلاميذ به، وتحذيرهم من أضراره. فالمخاطر تدفع الأفراد دائماً إلى تجنب السلوك الذي يعود عليهم بالأذى.

البنات في سن المراهقة، يكُن في مرحلة تحدد لهوية النوع، ومع شدة الكبت عليهن، ومنعهن من الاختلاط بالجنس الآخر، تصاب الفتاة بكبت جنسي. بعضهن يرغبن في أن تأسرهن الرغبة.. وهناك قلة منهن يبحثن عن سبل للتنفيس، فيلجأن إلى السحاق. ولا تجد الفتاة متنفسا لها سوى هذه العلاقة. خصوصا في الأسر التي تقمع حرية بناتها وتمنعهن من ممارسة الرياضة، التي تقي المراهقين والمراهقات من الوقوع في مشكلات جنسية تترك آثارها عليهم فيما بعد؛ فتلجأ الفتاة لهذه العلاقة مع جماعة، أو مع فتاة واحدة، من نفس جنسها، وربما تكون في نفس عمرها. واختفاء الوازع الديني أو ضعفه يلعب هنا دوراً أساسياً، بالإضافة إلى انشغال الآباء والأمهات عن أبنائهم وبناتهم، وعدم التركيز على خطورة المرحلة التي يمرون بها.

الظن الخاطئ الذي يسيطر على عدد من الفتيات، بأن ما تفعله ليس خطأً؛ لأنها لم تقم علاقة مع شاب تلبية لمطالب أسرتها. ويلعب التقليد الأعمى دوره في هذا الأمر، فالفتيات في مرحلة المراهقة لديهن دافع لمعرفة أشياء كثيرة عن الجنس، ويبحثن في المواقع للتعرف على إجابات لأسلتهن؛ فيصطدمن بالمشاهد المتعددة. وخوفاً من طرح تساؤلاتهن على من هم أكبر منهن سناً؛ يفضلن سؤال مَن هم في نفس أعمارهن.

وتبدأ رغبة التجربة تتحرك بداخلهن. وتقع الفتاة في هذا المرض الذي يقضي على متعتها إلى الأبد، لأنها بعد زواجها لن تصل إلى المتعة إلا مع فتاة، أو من خلال ممارسة "السحاق" الذي اعتادت عليه. وبالتالي ستتوتر علاقاتها الزوجية وربما تكون مهددة. وقلة من المُصابات بهذا المرض يتمكنّ من مواصلة حياتهن بشكل طبيعي، دون أن يعلم الزوج شيئاً عن ماضيهن.

إن غياب علاقة الصداقة بين الأم وطفلتها منذ الصغر، يترتب عليه عدد من الكوارث في المراحل التالية. لذا فالأم يجب عليها منذ البداية تدارك هذا الأمر، والعمل على جذب أبنائها إليها منذ الصغر حتى لا تجني الأسرة ثمار أخطائها. فوقوع أحد مراهقي أو مراهقات الأسرة في مرض الشذوذ، يعني أن أفراد الأسرة جميعهم مسؤولون عن إصابته به؛ لأنهم تخلوا عن واجبهم تجاه المراهق، ويؤنّبونه على فعلته بعد فوات الأوان.

والسؤال لماذا لم يضع أفراد الأسرة هذه الكوارث في الحسبان، قبل وقوعها، في ظل ما يعانيه المجتمع من أمراض اجتماعية؟ الإجابة: لانشغال كل فرد بذاته، وبحثه عن نفسه. ولا يجتمعون ثانية إلا بحلول كارثة تصيبهم أو تلم بهم جميعاً. ولا يوجد ما هو أبشع من شعور العائلة بوجود مراهق أو مراهقة لديه أو لديها دوافع وميول شاذة.

إن تكاتف مؤسسات المجتمع يجنب أفراده كثيرا من المشكلات، خصوصا في ظل القنوات التي تبيح للمراهقين البغاء، وتغزوهم، أو تلك التي يبحثون هم عنها بأنفسهم. فالتوعية داخل المدارس من الابتدائية وحتى الجامعة يجب أن تناسب طبيعة كل مرحلة، وانسجام أفراد الأسرة، والاهتمام، وعدم الشعور بالسعادة بسبب انطواء بعض الأطفال. فالدراسات تؤكد أن الأشقياء منذ الصغر دوافعهم إيجابية، ولا يميلون إلى العنف ونادراً ما يصابون بأذى جسدي أو جنسي، وأن تفريغ طاقات الأبناء في اللعب واللهو والتحاور في كافة المجالات، سواء في داخل الأسرة أو في المدرسة عن بعض الأمور الجنسية، بالمتابعة والمراقبة، دون أن يلاحظ البنون والبنات ذلك، وإحكام السيطرة على القنوات الإباحية من خلال الأسرة التي تقوى على تشفير هذه القنوات، أو مراقبة أبنائهم، أو التواجد معهم في المنزل، وعدم تركهم لساعات طويلة منفردين بأنفسهم؛ لأن النفس أمارة بالسوء.

المجتمع مسؤول عما يصيب المراهقين والمراهقات، وعن تعاطيهم المواد المخدرة، والترويج للمنشطات الجنسية بين طلاب المدارس، كلها أمور أصاباتهم بالأمراض الجنسية ومن بينها الشذوذ. والحل ليس قاصراً على إصلاح حال فرد بعينه، وإنما يحتاج الحل الصحيح إلى تكاتف جماعي جاد لقضاء على الشذوذ الجنسي بين البنين والبنات بالمدارس والجامعات المصرية.

أسماء الشطلاوي