مراكش الحمراء // رأي
صعود أردوغان وخفوت العرب
اجتمع العرب تحت عنوان "قمة دعم صمود القدس"، لكن انتهت اجتماعاتهم كما بدأت، باستثناء قرار وحيد، هو دعم القدس بنصف مليار دولار، لكن الأموال وحدها لا تصلح لوقف الاستيطان وعمليات التهويد، والتي تجري على قدم وساق في القدس، لذلك انخفض سقف الآمال المعقودة على القمة إلى الحضيض، بعد ساعات قليلة من بدايتها، رغم موجة التفاؤل التي سعت ليبيا لترويجها قبل القمة، فالقذافي الذي يطلق على نفسه لقب "ملك الملوك"، فشلت عن جدارة في الاتفاق على أي ملف مطروح، باستثناء الإجماع على الورقة السورية الخاصة بتنظيم الخلافات العربية.
لقد اختار العرب الهروب إلى الأمام، وقرروا ترحيل خلافاتهم إلى قمة استثنائية، تعقد في سبتمبر القادم، فيما حقق التواجد التركي ممثلا في حضور رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، المزيد من المكاسب داخل قمة العرب، على حساب العرب أنفسهم، الذين لم يكتفوا بالتراجع المرير في قمة "اللا نتائج واللا حسم"، ولكن تركوا المجال فسيحا لأنقرة لتحقيق هذه المكاسب، التي كان على رأسها المشروع المقدم من الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، والخاص بإنشاء رابطة الجوار العربي، والتي لم يتم اتخاذ قرار بشأنها حتى الآن، بالإضافة إلى نجاح أردوغان في جذب الشارع العربي، بعد هجومه العنيف على إسرائيل، الحليف الرئيسي لتركيا في المنطقة.
ربما كانت القمة العربية بالنسبة للدول المشاركة، فرصة جديدة لنكأ الجراح التي لا تزال مفتوحة، فرغم ما أثير حول تقارب مصري سوري، قد يفضي إلى مصالحة عربية شاملة، إلا أنه الخلافات بين الأسد وأبومازن، كانت هي عنوان القمة العربية، وهى خلافات ربما تكون في حد ذاتها مبررا لاستمرار الخلافات بين القاهرة ودمشق، فالاتهامات المتبادلة بين الأسد وابومازن، داخل الجلسات المغلقة للقمة، والتي تسربت إلى الخارج، ووصلت إلى حد تهديد الرئيس الفلسطيني بالانسحاب من القمة، ربما تزيد من الشروخ بين الجانبين المصري والسوري.
وفي مقابل الخلافات السورية الفلسطينية، جاء اقتراح عمرو موسى بتأسيس رابطة للجوار العربي، تضم تركيا وإيران وتشاد، ليثير استياء السعودية ومصر، ومع ذلك فقد رحب العرب بوجود تركيا في هذه الرابطة، وهو ما يجعل قمة سرت هي قمة الحضور التركي، فقد اعتبر مراقبون أن كلمة أردوغان، جاءت لتعكس نبض الشارع العربي، فالأمر لا يقتصر على حضور أردوغان، فبجواره كان هناك ألف شخص من العاملين في شركة ركسوس التركية، والتي تكفلت بتقديم الخدمات لضيوف القذافي.
وكان اللافت في كلمة أردوغان أمام القمة، هو الحنين الذي بدا فيها إلى عهد الخلافة العثمانية، عندما أكد أن "القدس هي قرة عين كل العالم الإسلامي، ولا يمكن قبول اعتداء إسرائيل على القدس أو الأماكن الإسلامية إطلاقا"، وهو ما جعل أردوغان أبرز نجوم القمة.
المحرر السياسي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire