mercredi 24 mars 2010

فضائح أصحاب الرزة و عشاق الهزة


مراكش الحمراء // فضائح أصحاب الرزة و عشاق الهزة

عندما يكون رجال الدِّين .. أبطالَ الجريمة الجنسية.. هل يكون العيب بالدين أم بالرجال؟

بين الحين والآخر تظهر فضيحة جنسية، بطلها رجل دين، أو واحد ممن لديهم سلطة دينية وروحية على ضحاياهم. وإذا كان التاريخ يذكر الراهب راسبوتين الذي تسلل إلى البلاط القيصري الروسي، وزكمت فضائحه الجنسية الأنوف وهي فضائح اقترنت بالسطوة والنفوذ، فإن أيامنا الحالية تخفي بين طياتها عشرات وألوف من راسبوتين..

في عام 2001 كانت مصر على موعد مع توتر طائفي جانح، بين المسلمين والاقباط. والسبب شريط فيديو جنسي لراهب استغل مكانته الروحية، وعاشر ما يقرب من خمسة آلاف امرأة بحسب اعترافاته في التحقيقات.. نشرت جريدة "النبأ" القصة مع صور مقتطعة من الشريط، تظهره متورطا في الخطيئة. استغل بعض المسلمين الأمر.. واقترنت الواقعة بميراث قبلي واجتماعي، انسحبت الخطيئة بموجبه على عموم المسيحيين.

ثار الأقباط في الكنائس، خصوصا مع اكتشاف أن الشخص المتورط في الفضيحة، تم شلحه وطرده من الكنيسة. وأنها عقدت له أكثر من جلسة نصح ومحاكمة. كما تم تجريده من رتبته الكنسية واسمه اللاهوتي، وعاد إلى صفوف العلمانيين.. لم تنتهِ الأزمة إلا بمصادرة الجريدة ومحاكمة الراهب المشلوح، وحبس رئيس التحرير الذي توفي بعدها بأشهر.

بعد خفوت فضيحة هذا الراهب، ظهرت فضيحة شيخ تلفيزيوني شهير بقراءة للقرآن.. اتهمته امرأة منتقبة بأنه غرر بها، وأقنعها بمعاشرته معاشرة الأزواج، دون أن يرتبط بها رسميا؛ لأن الزواج لم يكن في الماضي يتم عبر أوراق رسمية.

تقدمت المرأة ببلاغ إلى النائب العام، ونشرت قصتها صحيفة خاصة، وصمت الشيخ لفترة قبل أن ينشر إعلانا في الصحف، يقول فيه إنه بريء. فعرف الناس أنه ليس بريئا.. وفي الحادثتين كانت الصدمة وعدم التصديق قرينين بسماع الخبر.. ثم شعور عام بالإحباط والغضب والخجل من الآخر.. مع العلم أن التصرفين من المفترض أنهما شخصيان، ولا يسيئان إلا لصاحبيهما. ولم يزعم دين ما أن رجاله معصومون من الخطيئة.. أو أضفى عليهم القداسة، لكن الناس هي من تخلع القداسة على الناس.. والواقع يتنافي مع ذلك.

هذا الأسبوع تجدد الجدل مع الفضائح الجنسية لأصحاب السلطة الدينية. فكانت الفضيحة الأولى عالمية الطابع، واعتذر منها بابا الفاتيكان شخصيا، بعد ثبوت تورط قساوسة ورجال دين، لمدة عقود في أيرلندا، بالاعتداء جنسيا على أطفال قُصّر، وتسترت الكنيسة على المجرمين، ولم تحاكمهم.

قال البابا معتذرا:"عانيتم كثيرا، وأنا آسف حقا. الكهنة ورجال الدين المتهمون بالاعتداءات على الأطفال، يجب أن يحاكَموا على جرائمهم أمام محاكم يتم تشكيلها بصورة مناسبة.. تمت خيانة الثقة وانتهاك الكرامة. زعماء الكنيسة الأيرلندية ارتكبوا أخطاء فادحة في التعامل مع اتهامات بوقوع إساءات".

ثم تابع مقارنا تأثير تلك الفضائح على إيمان الناس بالكاثوليكية:" الفضائح زعزعت إيمان الناس. وأبعدتهم عن الكنيسة. وحجبت الضوء عن الإنجيل، أكثر مما فعلته قرون من الاضطهاد الذي تعرضت له المسيحية في أول عهدها".. وكان أسقف دبلن وآخرون قد أخفوا ملفات على صلة بقضايا اغتصاب أطفال، وتعديات جنسية ارتكبها رهبان في الفترة ما بين 1975 و2004.

فضيحة أيرلندا اقترنت بفضيحة جنسية أخرى، كشفت عنها "ديرشبيجل" الشهر الماضي. حيث ضبطت اعتداءات جنسية في المدارس والكليات اليسوعية، وبالتحديد في أربع وعشرين أبرشية من أصل سبع وعشرين.

وبالتزامن مع فضيحة الكنائس، كانت في مصر فضيحة موازية. حيث اعتدى مدرس أزهري على ما يقرب من 11 فتاة من تلميذاته.. تقدم أولياء أمور أربعٍ منهن ببلاغات إلى النائب العام. وكشفت التحقيقات أن الرجل كان يجبرهن على مشاهدة أفلام إباحية، ثم يعتدي عليهن اعتداءً ليس كاملا.. وقد اعترف أولياء الأمور بأنهم أجروا تحاليل حمل لبناتهم، وهن لايزلن في سن الحادية عشرة.

قابل المجتمع الأمر بنفس الاستجابات القديمة.. صدمة وغضب وخجل من الآخر المختلف في الديانة.. وشماتة نشبت من بعض الطرف الآخر، باعتبار أن المتهم يعمل في هيئة لها سمعتها الدينية والأخلاقية.

ويحمل رجل الدين نوعين من السلطة يسهلان له أغراضه، ويخضِعان ضحاياه. أولهما القداسة، أو بالأحرى الاحترام الشديد، المستمد من الدين أو من المهنة، كالتدريس.. والثاني سلطة تقرير المصير.. سواء في التعليم أو الدين. فتظن الفتاة أن إغضاب رجل الدين من غضب الرب.. وتأخذ وقتا طويلا حتى يقتنع عقلها بأن هذا الرجل مجرم.. والدين منه بريء.

وبرغم الصدمة والفضيحة، إلا أنها بالقطع ظواهر طبيعية.. رجل تعلم الدين أو آداب المهنة، ثم انقلب عليها ولم يؤمن بها في قلبه.. رجل تورط في الخطيئة.. ولا علاقة لذلك كله بقدسية الدين.. فلن يقلل منه ضلال رجل من أتباعه!

فالعيب ليس في الديانة، بقدر ما في نظرتنا إلى الناس.. وخلطنا المقدس بالدنيوي.

العيب في الرجال. الرجال وحسب ..

محمد فتحي يونس // السياسي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire