مراكش الحمراء // فضائح مغربية
زنوبة بين القانون و السياسة
ذ. العبدي عبد العزيز
قفلت زنوبة اليوم الرابع،و هي مكبلة بقيد حديدي.الذين وضعوا القيد معروفون ،مستخدمي شركة الرباط مستودع.وفعلوا ذلك لأن لهم أوامر من الشركة التي تشغلهم .
في الأسبوع الفارط كل وسائل الإعلام تناولت الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف الإدارية،و الذي رفض الطلب الذي تقدمت به شركة الرباط باركينغ،و القاضي باستئناف حكم الإلغاء الذي أصدرته المحكمة الإدارية في حق الفصل الرابع الذي ينظم العقدة التي تربط هذه الشركة بمنتخبي المدينة.
لم يعد يحق للشركة،و لا حتى للجماعة المحلية،أو لمجلس المدينة أن يكبل سيارات المواطنين بالفخاخ،ليس بالقانون وحده،و لكن بقول القانون،أي بحكم قضائي نهائي و بات.
تم وضع المقال الرامي لفك سجن زنوبة،و تعويض مالكها عن الأضرار التي لحقته جراء منعه من استعمال سيارته،كما تم اتخاذ القرار بوضع دعاوي متواترة لدى المحكمة الإدارية،و هي كلها دعاوي مدنية.
التفكير يسير في اتجاه وضع شكاية لدى النيابة العامة.لكن السؤال الكبير هل تحتاج النيابة العامة لشكاية مباشرة من أجل إثارة المتابعة؟
للنيابة العامة سلطة إثارة المتابعة من تلقاء نفسها،دون شكاية مباشرة أو غير مباشرة،خاصة و هي تعاين حالة التلبس التي توجد فيها الشركة و مستخدميها،فالنيابة العامة توجد في الخط الأمامي للدفاع عن أمن و ملكية و مصالح المواطن،بما ينص علية القانون،و خاصة بما ينطق به القانون ،أي الأحكام القضائية.
كان على النيابة العامة أن تعتقل مسيري شركة الرباط باركينغ مباشرة بعد وضعهم لأول صابو في سيارة مواطن،بعد تاريخ صدور الحكم النهائي و البات،لأنهم أمروا بتنفيذ جريمة حجز سيارة بدون موجب حق،و اعتقال مستخدميها لأنهم نفذوا الجريمة،و لو لم يكن في علمهم عدم قانونية ما يقومون به،فالقانون لا يحمي المغفلين و لا الجاهلين.
عدم تحرك النيابة العامة،و الشركة مستمرة في تعسفها حتى بعد صدور القرار القضائي،و حتى بعد وضع الأستاذ بنعمر عبدالرحمان لشكايته المباشرة،و حتى بعد مبادرة زنوبة،يعتبر تقاعسا في الدفاع عن مصالح المواطنين،و تواطؤ في ابتزاز المواطنين،دون أن تعرف الأوجه الحقيقية،و المصالح العليا في هذا الصمت و هذا التواطؤ.
الجانب السياسي في قضية زنوبة لا يقل أهمية عن جانيها القانوني،فالمنتخبين كان عليهم الاصطفاف لجانب القانون،و تطبيق أحكام القضاء،مهما كانت تتعارض و مشاريعهم الجماعية أو الحزبية الضيقة.و يحز في القلب أنه ضمن هؤلاء السياسيين من كان و لا زال يناضل من أجل ترسيخ دولة الحق و القانون،هذه الأخيرة لا تستقيم دعائمها دون تبوئ القضاء المركز الأول و المتقدم ضمن السلط التي تشكل دعائم الدولة،و من ضمن هؤلاء أيضا،و على حداثة وجوده و قوة تأثيره،من نادى منذ ولادته بضرورة معيرة المجتمع و الدولة في ممارساتهما السياسية و القانونية la pratique de la normalité و هناك الشذرات من الممارسين للسياسة،المتفرقين على جداول و أنهار اليمين و اليسار،لا تجد ضمن مسوغاتهم ما يتناقض و ضرورة تطبق القانون و إعلاء كلمة القضاء.
زنوبة،تلك القضية التافهة،الفكرة المجنونة و الجميلة،و هي دفع هؤلاء جميعا،الفاعل الاقتصادي الذي استطعم الريع،لا يهمه معنى القانون،و القضاء في شخص النيابة العامة التي لا تملك حسا سياسيا و لا اجتماعيا،يحفزها على اتخاذ المبادرة،و المنتخبون الذين لا يملكون الشجاعة لينحازوا فقط لما هو قانوني و مشروع،و السياسيون باختلاف أطيافهم،الاشتراكي اليساري الثوري الإصلاحي الديمقراطي الاجتماعي اللبرالي اليميني المعتدل الوسطي الإسلامي الوافد الجديد و القديم، الذين ينتظرون الضوء الأخضر من أجل الاصطفاف،ليس دائما بجانب القانون.
إلى حين ذلك،زنوبة هناك تقرئكم السلام و تنتظر.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire