مراكش الحمراء // أقليات ببلاد أنكل سام
المثليون العرب في أميركا: عددهم 2500 والنت متنفسهم للعالم ويلتقون كل عام
الخميس, 07 يناير 2010
يعاني المثليون العرب، المقيمون في الولايات المتحدة الأميركية، من مشكلة عدم تمكنهم من التعبير عن واقعهم والاشارة إلى انفسهم بشكل صريح. حتى اولئك الذين يحملون الجنسية الأميركية أو من المولودين في أميركا ومن أصول عربية مسلمين كانوا أو مسيحيين، فهم يقولون إن ذلك لا يجعلهم أحرارًا ليستطيعوا الوقوف في وجه الجميع لقول: أنا مثليّ.
فالعربي عندما يأتي مهاجرًا يأتي محمّلاً بكل عاداته وتقاليده ودينه، وهذا هو رأسماله في بلاد الإغتراب. يحاول دائمًا غرس هذه القيم والدين في نفوس ابنائه لتكون لهم السد المنيع حتى يتسنى لهم الصمود في مجتمع يمتلئ بالمغريات التي تعد من الخطايا والكبائر التي يرفضها دينه وعاداته. والمثلية للعربي هي رجس من عمل الشيطان وكبيرة من الكبائر التي لا تغتفر.
فكان لابد من متنفس للمثلي ليستطبع التعبير به عن مكنونات نفسه وأن يتحدث بحرية من دون خوف أو رقيب من العقاب والحساب الذي قد يصل حد الموت. وقد كان لظهور الإنترنت أثر كبير في حياة المثليين. فساهمت هذه الشبكة بزيادتهم وتجميعهم واعطائهم الحرية الكبيرة للتعبير عن أنفسهم، بل ساعدت في نشوء منظمات حقوقيه لهم هنا في الولايات المتحدة تعمل على التلاقي معهم من خلال الإنترنت وغرف الدردشة والفايسبوك والمدونات.
ومن بين هذه المنظمات منظمة تدعى" جلازا" التي نشأت في عام 1988 التي كان هدفها تجميع المثليين العرب في أميركا أولا ثم تجميعهم مع أقرانهم وربطهم بجميع المثليين الموجودين في العالم العربي وأعطائهم الفرصة للتحدث وتبادل الرسائل والصور. ويبلغ عدد أعضائها العرب حوالى 2500 عضو في اميركا فقط لفرعي (نيويورك ولوس أنجلوس) جلهم من المسلمين والمسيحين. الذين يتحدثون من خلال غرف الدردشة ويتقابلون من خلال حفلات وتجمعات ومظاهرات يقيمونها كل عام في أحدى الولايات الأميركية للتعبير عن أنفسهم وكيف أنهم مضطهدون. ومع ذلك هم لا يستطيعون التعبير أمام أهليهم وأصدقائهم غير المثليين بأنهم مثلييون، لأنهم بذلك سيتم رفضهم إجتماعيًّا وسيلحقون أهلهم بالعار.
يقول د. ق. ( 20 عامًا) أميركي من أصل عربي ( مغربي) من سكان مدينة نيويورك وهو أحد المثليين الذين تحدثنا معه عبر النت :" حتى هذه اللحظة لا أملك القدرة على مواجهة أهلى لكي أقول لهم أنا مثلي. لا يمكن أن يكون ذلك أتصور أنه سيكون أخر يوم في حياتي."
"منذ أن بدأت أعي أنني مثلي وأنا أشعر بالخوف كون أسرتي والمجتمع والأقرباء سوف لن يتقبلون ذلك".
ويرى د.ق. أن التواصل مع أصدقائه عبر الإنترنت هو نوع من أنواع الحرية ولكنها ليست كافية. فيقول في ذلك: "إستطعت التعرف إلى رفاق جدد وأن أفرغ ما في داخلى بحرية مطلقة ولكن بالتأكيد هذا ليس كاف أود أن لو أكون أكثر صراحة وأن أقول أمام كل العالم نعم أنا مثليي بدون الإحساس بالذنب والخوف من العواقب."
وكم كان مستغربًا أن شابًا مثليًا يعيش في أميركا التي هي بلد الحريات ويخشى أن يقول أنه مثليي في الوقت الذي أقرت فيه بعض الولايات زواج المثليين كما وأن المثليين موجودين في كل مكان فيعلق على ذلك قائلا:" أنا أعيش حريتي خارج المنزل والحي وأنا صريح مع أصدقائي الأميركين الذين ليسوا من أصول عربية. واستطيع أن أمشي في مظاهرة للشباب المثليين ولكن بدون أن أظهر على شاشة التلفاز وأن أتحدث إلى للصحافة ولكن بدون تصوير. فالمثلي لا يجد ما يخشاه فهو يعلم جيدًا أنه يمتلك حقوقًا هنا كمواطن أميركي وذلك لن يؤثر عليه. الخوف يكون من الأهل ومن ردة فعلهم التي أقلها نبذهم له فهم لن يتقبلوه بأي شكل من الأشكال نحن لازلنا نعيش بعقلية العيب والحرام، والمجتمع العربي الذي ينتمون إليه لن يرحمهم ولن يرحم أهلهم فليسوا وحدهم من سيدفعون الثمن ربما اهلهم أيضا أذن فنحن ندفع الثمن بطرق أخرى."
وعلى الرغم من الحرية التي يعيشها المثليين في المجتمع الأميركي إلا أن د.ق. يقر بوجود عنصرية خفية تجاههم حيث أنهم محرومون من الإنتماء الجيش فمن يثبت أنه مثليي يطرد من الجيش كما أن هناك بعض الوظائف خصوصا في الدوائر الحكومية لا تحبذ تشغيلهم لذلك يضر عدد كبير منهم لإخفاء ميوله خوفا على وظيفته.
ويصر د.ق. على أن المثليي ضحية فهو من وجهة نظره ضحية المجتمع الذي لن يرحمه فيما لو عرف أنه مثليي فهو ليس ذنبه أنه خلق هكذا خلق مختلفا عن الأخرين له ميوله الجنسية المختلفة هذا على حد تعبيره. ومن هنا يناشد المجتمع أن يتأنى قليلا في حكمه عليهم وأن يساعدهم في أن يعيشوا كبقية الناس في المجتمع بدون خوف.
وعما إذا كان المثلي يشعر بأنه مريض أو مذنب كونه يختلف عن الجميع يؤكد د.ق. على أنه ليس مريضًا فيقول:" أنا لست مريضًا ولا أحب أن أعامل على أنني مريض. ولكن نعم أشعر أحيانًا بالذنب كون أني أعرف أن الأديان تنبذ المثليية وتحرمها وهنا اقف حائرا وأتساءل ما ذنبي أنني خلقت مختلف؟."
أما سمير (45عامًا) أميركي من أصل عربي (مصري) يعيش في ولاية سان فرانسيسكو والذي التقينا عبر النت أيضًا يقول:" أنا مثليي منذ كنت صفيرا وعلى الرغم من أنني أعيش هنا منذ ما يزيد عن 25عاما إلا أنني لا أستطيع أن أقول لأهلى في بلدي مصر أني مثلي."
ولسمير تجربة فاشلة في الزواج حيث أصر أهله على تزويجه كونه تعدى السن ولم يفلح في إيجاد بنت الحلال من فما كان منهم إلا أن زوجوه بعد أن اختاروا له العروس المناسبة فيقول:" نظرا لإلحاح الأهل المتكرر على تزويجي وافقت على فكرة الزواج من فتاة هم بحثوا عنها وأعجبتهم كونها متدينة وفعلا تم الزواج الذي أثمر عن طفلين. فقد كان لدي القدرة على معاشرة زوجتي وفعلا نجحت وساعدني في ذلك أن زوجتي لم تكن من السيدات الواتي لديهن احتياجات جنسية كثيرة بعد الزواج بل تقبل ما اقدمه لها واكتفت بتربية الأبناء، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أكتشفت به أنني مثليي وكان ذلك بعد حوالى 5 سنوات من الزواج. لم أستطع أن أنكر أكثر من ذلك فأخبرتها الحقيقة وكان ذلك اليوم هو أخر يوم بيننا كونها طلبت الطلاق بعد ذلك واحتفظنا بكل شئ سرا حتى لا يشكل ذلك صدمة على الأولاد."
ويشير سمير إلى أنه لا يفكر العودة إلى بلده مصر كونها لا تعطي المثليين حقوقهم بل تحاربهم فهو يرى أن أميركا بالنسبة له أفضل كونه يتمتع بحريته في التعبير عن ميوله ويمارس حياته بشكل طبيعي على الرغم من كونه لا يستطيع التصريح بأنه مثليي لأن من وجهة نظره أن أهلة واولاده سوف يدفعون ثمن هذا التصريح فالمجتمع العربي الأمريكي لن يرحمهم والمجتمع في مصر لن يرحمهم فيما لو كان والدهم مثليي.
ويطالب سمير المجتمع العربي سواء في أميركا أو حتى العالم العربي أن يغير نظرته عن المثليي كونه لاذنب له فيما وجد عليه نفسه فهو ليس حرًا في اختياره وأن الله خلقه هكذا وذلك على حد تعبيره كما ويتمنى أن يأتي ذلك اليوم الذي لا يحتاج فيه المثلي العربي لمنظمات حقوقية كونه أنسانا عاديا كيفما يرى نفسه.
نسرين حلس (ايلاف)
ا
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire