mercredi 5 janvier 2011

مشهد فني قاتم وسوداوي.. فنانون جزائريون يلجؤون إلى كندا أثناء الاحتفال بذكرى التحرير


مراكش الحمراء //

مشهد فني قاتم وسوداوي..... فنانون جزائريون يلجؤون إلى كندا أثناء الاحتفال بذكرى التحرير

فرقة الباليه الوطنية الجزائرية

الجزائر

شهدت الجزائر في الأيام و الأسابيع الأخيرة تنظيم عدة فعاليات ثقافية محلية ودولية، إلى حد الذي جعل الكثيرين خاصة الأجانب يعتقدون أن البلد يعيش حركية فنية غير مسبوقة مصدرها الأساسي وفرة الإنتاج ونوعية الأعمال المعروضة

فرقة الباليه الوطنية الجزائرية لكن، ما الذي يجعل عددا من الفنانين الجزائريين الشباب الذين سافروا إلى كندا لإحياء حفل فني يفرون ويطلبون اللجوء السياسي من أجل البقاء هناك بدل العودة إلى بلدهم، الذي غادروه أصلا لإحياء الذكرى السادسة والخمسين لاندلاع ثورته التحريرية ؟

وسائل الإعلام، التي أغدقت كثيرا من الحبر على موضوع فرار ستة من أعضاء الباليه الوطني من فرقتهم وطلبهم اللجوء السياسي من كندا في شهر تشرين ثان/ نوفمبر الماضي ، ربطت القضية بنظرة المجتمع الجزائري إلى الفنان، وخاصة للراقصين. فذهبت آراء عدة إلى أن المجتمع ينظر إلى هذه الفئة بازدراء واحتقار، خاصة مع ما أسمته بـ"تنامي التيار الديني" في الجزائر.

وجهة النظر هذه تحمل بالتأكيد جانبا كبيرا من الصحة، لكن ثمة سبب آخر لا يقل أهمية، وقد يكون الدافع الرئيس إلى تلك الخطوة التي ما زالت تثير الرأي العام بين مؤيد ومعارض ومستغرب، ويتعلق بالوضع الاجتماعي المتدهور الذي يعيشه الفنان الجزائري، لجملة من الأسباب ليس أولها ضعف مردوده المادي، وليس آخرها افتقاره لوضع قانوني يؤمن له الحد الأدنى من حقوقه الاجتماعية، ويضمن له مستقبلا آمنا وتقاعدا مريحا.

"المال خير من الشهرة"

يتقاضى راقصو الباليه الوطني الذي فر منه ستة من أعضائه قبل أسابيع قليلة، راتبا شهريا لا يتجاوز 14 ألف دينار جزائري(أي 140 يورو)، وهو أجر زهيد لا يلبي احتياجات شخص أعزب من بعض الملابس والسندويتشات الرخيصة وثمن التنقل في حافلة. وبالطبع، لا يكاد يفيد شخصا يعيل أسرة، في ظل غلاء المعيشة وانعدام سبل أخرى لكسب "الرغيف".

يبرر أحد أعضاء فرقة الباليه الوطني الجزائري، فضل عدم الكشف عن هويته، ما قام به زملاؤه بالوضعية "المزرية" التي يعيشونها في بلادهم، كغيرهم من الفنانين الجزائريين، قائلا إنه ما كان لهؤلاء أن يتركوا وطنهم ويغامروا بالفرار وطلب اللجوء، لو أنهم يعيشون حياة كريمة فيه، خاصة أن كثيرا منهم مسئول على إعالة أسرته، وبعضهم ترك وراءه زوجته وأبناءه.

وبنبرة من الحزن، يضيف المتحدث " صحيح أن ما فعله هؤلاء صدم الكثيرين، لكن ذلك لا يعني قطعا أنهم لا يحبون وطنهم. من حقهم أن يحلموا بحياة أفضل، وقد وجدوا أن تلك هي الطريقة الوحيدة التي وجدوها أمامهم لتحقيقها". يسكت برهة ثم يواصل: "عندما يتخلى المرء عن أغلى ما لديه، فثق أن ثمة قوة قاهرة أجبرته على ذلك. نحب هذه المهنة، ونؤديها بإخلاص، ليس من أجل المال فقط. وإنما لأننا نحبها فعلا. لكن ما فائدة أن تحب عملك وتتفوق فيه ويصفق لك الجمهور بحرارة وجيوبك فارغة؟".

يذهب الفنان المخضرم ،خالد بركات، تقريبا في نفس الاتجاه عندما يقول أن "المؤسسات الثقافية في الجزائر تتعامل مع الفنان كسلعة يجب أن يدر تسويقها أرباحا، في حين أن هذه المؤسسات في كثير من دول العالم تتحمل الخسائر من اجل أن يصل الفنان برسالته إلى جمهوره".

هذا الاعتراف يعكس حتما جانبا من الحقيقة.. حقيقة وضعية الفنان الذي يتعامل معه فقط كـ"بريستيج" لا ينبغي إنفاق كثير من المصاريف عليه.

في حالة الباليه الوطني، تؤكد مصادر مطلعة أن معظم عناصره ليسوا من ذوي المستوى التعليم العالي أو المتكونين في هذا المجال، إذ يتم الالتحاق بهذه المناصب من خلال "كاستينج" يقبل عليه هواة معظمهم من الشباب البطال الذي يبحث عن فرصة لتفجير مواهبهم وطاقاته الفنية.. وأيضا عن مصدر للعيش.

وقد تكون هذه النقطة إحدى العوامل التي تجعل هذه المؤسسات الثقافية غير مستعدة لدفع أجور مرتفعة لأشخاص غير مكونين ولا يملكون مستوى تعليميا عاليا، بالإضافة إلى كونهم لا "ينشطون" إلا في المواسم والمناسبات.

"الكل في الهم سوا"

لعل الصورة تبدو قاتمة السواد، لكن المشهد الفني يبدو أسود بالكامل من هذه الزاوية، فالوضع الاجتماعي المتدهور ليس حكرا على الراقصين وحدهم، إنما ينسحب على كافة المشتغلين في المجال، وإن بدرجات متفاوتة.

وبالحديث إلى أي فنان، مسرحيا أو سينمائيا أو تشكيليا أو مغنيا، وتسأله عن وضعه الاجتماعي، فانك تستمع إلى سيل لا ينتهي من الشكاوى.. سقف أجر الفنان المسرحي الموظف لا يتجاوز 300 يورو.. السينمائي لا يتلقى أجرا إلا حين تأتي فرصة المشاركة في ظل ندرة الإنتاج السينمائي،. التشكيلي لا يكاد يتلقى أجرا على الإطلاق، لوحاته كاسدة والبعض يعتبره مجنونا والكثيرون يصفونه بأنه أفقر الفنانين. المغني يشتكي من تلاعب المنتجين ومن انتشار القرصنة وينتظر مواسم الحفلات والأعراس ليعوض كساد العام، أو ينخرط في الكباريهات لتأمين حياة أفضل، رغم أن هذا الأخير هو الأفضل مقارنة بسابقيه، خصوصا مطربو أغنية "الراي" الذين يشكلون الاستثناء ويمكنهم العيش من فنهم.

ماذا بالإمكان فعله، إن كان الفنان لا يمتلك وضعية قانونية أصلا، فرغم أن الحديث عن الموضوع يتكرر في كل مناسبة، إلا أن القضية لا تزال تراوح مكانها.. الفنانون يكيلون الاتهامات بالإقصاء والتهميش، فترد الوزارة بأنهم يفتقرون إلى التنظيم بدليل عدم نجاحهم في التكتل في جسم نقابي. كما تطرح مشكلة أخرى تبدو عائقا كبيرا في تحديد من تنطبق عليهم صفة "الفنان" المهنية، وهي اشتغال الكثيرين منهم في وظائف موازية وانتمائهم إلى قطاعات أخرى، بل إن كثيرا منهم يعتبر الفن وظيفة إضافية.

ويبدو أن وزيرة الثقافة ,خليدة تومي، التي يشهد لها الجميع بان فترة توليها الوزارة عرفت زخما فنيا لا نظير له، حسمت الأمر عندما أكدت التخلي عن قانون الفنان و استبداله بمشروع "البطاقة المهنية"، بعدما اقتنعت على ما يبدو بان الفنان في الجزائر لا يعيش من فنه، لكنها في نفس الوقت دعت الفنانين إلى تعيين ممثلين عنهم يشاركون في منح "البطاقة المهنية" التي تضمن..الاستفادة من المعاش.

وبرأي الوزيرة تومي، فان المصادقة على قانون السينما و استرجاع قاعات السينما المتواجدة تحت سلطة الجماعات المحلية، سيحدث ثورة حقيقية في المشهد الثقافي الجزائري.

الواقع يشير إلى تعدد الحالات لكن النتائج متشابهة في الغالب: مغن يعجز عن تسديد نفقات علاجه وشراء أدويته وآخر يموت بعد صراع مرير مع المرض.. ممثلة تطرد من بيتها إلى الشارع وأخرى تهدد بالانتحار من أجل الحصول على سكن.. فنان يبيع "الكاكاو" وآخر يصطف في الطوابير للحصول على قفة رمضان.

"لاجئ في باريس أو مونريال.. ولا سوبر ستار في الجزائر"!.

يقول الناقد الإعلامي، علاوة حاجي، أن واقع الفنان الجزائري يثير الاستغراب بسبب تناقض وضعه، بين الثراء الفاحش للبعض و الفقر المدقع للبعض الأخر.

ويضيف "المشكل أن الفنان الجزائري في العموم لا يعيش من فنه و حالته ليست حالة خاصة وإنما كحالة المواطن الجزائري. فالفنان الثري ليس ثريا بسبب فنه بل لثراء عائلته، لكن هذا لا ينفي أن يكون الفن مجالا لكسب المال".

ويسرد حاجي قصة حقيقية وقعت له مع إحدى الفنانات معروفة في الطابع الحوزي العاصمي قبل يومين كانت ترتدي الحجاب، لكنه تفاجأ في المساء على الركح تؤدي وصلاتها الغنائية دون حجاب، و لما سأل عرف بان حفلة واحدة تدر على صاحبتها 700 يورو، وهذا دليل-يقول حاجي- على أن هناك من الفنانين من يقتاتون من عملهم.

ويعتبر المتحدث أن تسوية الوضعية القانونية للفنان من شانه أن يمكنه من حالة مستقرة، تضمن له حياة كريمة و تضمن للمتلقي إنتاجا فنيا راقيا غير مرتبط بالمناسبات.

من جهة أخرى، يعترف كثير من الفنانين بأن المجتمع يحمل نظرة سلبية تجاههم. فرغم الترحيب الذي يحظون به وتهافت الجمهور عليهم في المناسبات العامة، إلا أن العكس تماما هو ما يحدث في محيطهم، حيث يتم التركيز على خصوصياتهم ونمط حياتهم، بل إن البعض يعتبرهم "خارجون عن التقاليد"- على حد تعبير إحدى الممثلات.

لقد اشتكت الفنانة القبائلية ظريفة، من نظرة جيرانها ومحيطها وطريقة تعاملهم معها، حيث أكدت أنها تتعرض لمضايقات بسبب مهنتها، ما سبب لها مشاكل اجتماعية وأزمات نفسية، بل إن البعض، كما قالت، يعتبرها عاهرة، رغم أن عائلتها تحترم فنها ولا تتصادم معها.

وإذا أضيفت هذه القطرة إلى بحر المشاكل التي يغرق فيها الفنان الجزائري، فإن النتيجة على الأرجح لن تكون سوى الهجرة.. هجرة الفن إلى مجال آخر مربح ولا يعتبره المجتمع "عيبا" كما فعل كثير من الفنانين الذين اعتزلوا الفن أو "غيروا نشاطهم"، أو هجرة هذا المجتمع أصلا، على طريقة شباب الباليه الوطني الذي فضل "الحرقة" على مواصلة "الشطيح" دون فائدة. وعلى ذكر الهجرة، فإن السكن لم يعد يؤرق الممثلة التي هددت ذات يوم بالانتحار بسببه، فقد صنعت منها باريس نجمة سينمائية عالمية، بعد أن تركت زملاءها المساكين ولسان حالهم يقول: "لاجئ في باريس أو مونريال.. ولا سوبر ستار في الجزائر"!..

يوسف تازير / الهدهد

*******

روابط هامة

خاص بالشرطة السياحية بمراكش

http://kouhlalmarrakeche.blogspot.com/2011/01/blog-post_4429.html

أسباب الجريمة المنطلق و المنبت الذي يجب استئصاله بعجالة

http://kouhlalmarrakeche.blogspot.com/2011/01/blog-post_2551.html

موقع الأشرطة المتميز

http://kouhlal.skyrock.com/

بريد مراكش الحمراء

Khllmouhamed8@gmail.com

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire